تحت عنوان “الدروس التي يجب علينا تعلمها من حقول الموت في أفغانستان واليمن “، قال الكاتب الأمريكي ديفيد إغناطيوس في صحيفة “واشنطن بوست” إن الطريق إلى السلام هو التعب ونرى هذا اليوم في حقول الموت بأفغانستان واليمن. وعلق الكاتب على اتفاقيات السلام الهشة التي تم عقدها في البلدين نتيجة لمهارة الدبلوماسيين. رغم أن هناك عدة أسباب تدعو للتفكير بفشلها.
ومن خلال تقييم نزاعات الشرق الأوسط علينا تذكر هذا أن “التشاؤم يثمر” وهو ما قالته المعلقة في صحيفة “وول ستريت جورنال” كارين إليوت هاوس قبل 40 عاما.
إلا أن عملية السلام بدأت: وقال زلماي خليل زاد، المبعوث الأمريكي الخاص لأفغانستان يوم الإثنين “قمنا بصياغة مسودة إطار تم تعزيزه”. وأخبر مسؤول خليجي بارز اجتماعا في واشنطن ليلة الإثنين: “بسبب الوساطة الأمريكية فإننا في بداية الحرب في اليمن وأن الحرب فيها تتحرك من المجال العسكري إلى السياسي.
وعلق إغناطيوس أن الجهود الدبلوماسية الجديدة تقوت من الإجهاد والإحباط والأفق المسدود في ساحات المعارك والمكلف بشكل باهظ. ويقول إن إدارة الرئيس دونالد ترامب (رغم التصريحات المتعجلة وغير المشذبة)، وجدت التوازن بين ما تقوله “وهي مصيبة” وما يجب عمله “مخطئة” وهو الحديث عن جدول زمني حقيقي لوقف الدعم الأمريكي. ويقال إن الغموض هو أصل كل صفقات السلام. ويقول إن إحصاء القتلى قد يكون مضللا ولكنه لا يعطي صورة عن الاستعداد للقتال، بل ويقترح الثمن الإنساني الكبير. وقال أشرف غني، الرئيس الأفغاني أن قتلى القوات الأمنية الأفغانية منذ توليه المنصب عام 2014 وصل إلى 45.000 جندي. ويقول القادة العسكريون الأمريكيون إن عدد قتلى طالبان هو أعلى. وخسرت القوات الأمريكية في الحرب الطويلة التي تخوضها في أفغانستان منذ 17 عام 1.500 جنديا وجرح 20.000 جندي آخرون.
كان اليمن كابوسا من نوع خاص، فمنذ بداية الحرب عام 2015 يعاني 22 مليون نسمة، أي 75% من عدد السكان حالة من الفقر ويحتاجون للمساعدات الإنسانية. ولا توجد لدى 16 مليون منهم المياه الصالحة للشرب و15 مليون بحاجة ماسة للطعام.
وبالمقابل كان اليمن كابوسا من نوع خاص، فمنذ بداية الحرب عام 2015 يعاني 22 مليون نسمة، أي 75% من عدد السكان حالة من الفقر ويحتاجون للمساعدات الإنسانية. ولا توجد لدى 16 مليون منهم المياه الصالحة للشرب و15 مليون بحاجة ماسة للطعام، وهو ما قاله دان كوتس، مدير وكالة الأمن القومي الأمريكي في شهادته أمام الكونغرس يوم الثلاثاء. ويعتقد إغناطيوس أن تنامي الغضب الشعبي كان وراء محاولات وقف الحرب في البلدين. ففي أفغانستان نشأت حركة سلام في العام الماضي حيث عقدت تظاهرات وقام أفرادها بمسيرات. وقالت حركة طالبان العام الماضي إنها مستعدة لمحادثات السلام. وأعلنت الحكومة الأفغانية وقفا للنار. ووافقت طالبان على وقف إطلاق النار الذي أعلنه غني أثناء العيد في حزيران (يونيو) 2018. وفي اليمن منحت منظمات الإغاثة الإنسانية صوتا لملايين الضحايا المدنيين هناك. فالحرب تتسم بزخم من الصعب وقفه رغم الحنين لوقفها حسبما قال الجنرال المتقاعد جون نيكلسون الذي قضى معظم العقد الماضي في أفغانستان. وقال: “حان الوقت لوقف هذه الحرب في أفغانستان” و”حان وقت السلام الآن”، إلا أن الجنرالات لا ينهون النزاعات بل الدبلوماسيون. وفي مقابلة يوم الثلاثاء أثنى نيكلسون على زلماي خليل زاد بأنه “الرجل المناسب في الوقت المناسب” والرجل المؤهل لتحقيق السلام للأفغان المتعبين. وقال “العلاقات مهمة في هذا الجزء من العالم”. وخليل زاد الذي ولد في أفغانستان ويعرف غني مذ صباه لديه الكثير من الأوراق. وكان عرض خليل زاد لطالبان: توقفوا عن حماية الإرهاب العالمي وعندها تنسحب الولايات المتحدة. وهي فكرة موجودة منذ وقت طويل إلا أن الحاجة للسلام ليست بسبب الشعور بالإجهاد ولكن لوجود العدو المشترك وهو تنظيم الدولة. فكلما كان هناك سقف للتصعيد في الحروب وجد مجال لتخفيض التوتر. وفي اليمن نجح المبعوث الدولي مارتن غريفيث بوقف الحرب في ميناء الحديدة وقد ينجح لاحقا بوقف النار في صنعاء ومطار صنعاء الدولي وبعدها تبادل الأسرى ومن ثم بداية النهاية للنزاع. وفي المجتمعات الديمقراطية تقاتل حروبها من زاوية خاسرة، فالرأي العام يريد نتائج حاسمة وكلما طال أمد الحروب بدا الرجال الأخيار-جنودها كقتلة متوحشين والإرهابيون الذي يقتلونهم كضحايا أبرياء. في النهاية الإجهاد هو عدو الحرب وهو الذي يبطئ آلة القتل بالإضافة للغضب الشعبي والثمن الإنساني الباهظ وعملية سلام تعطي كل طرف الفرصة لكي يزعم أنه حقق نوعا من النجاح ويتجنب الإهانة. وهذه مهمة حساسة والتي يتعامل معها الدبلوماسيون ويحاولون التوصل إليها في اليمن وأفغانستان.