ذكر موقع "ميديل إيست آي" البريطاني، نقلا عن مصدر دبلوماسي غربي ومسؤولين فلسطينيين، أن فريقاً أميركياً بصدد وضع اللمسات الأخيرة على "الاتفاق النهائي" الذي وضعه الرئيس دونالد ترامب للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل والذي يعرف بـ"صفقة القرن". وبحسب الموقع البريطاني، أوضح الدبلوماسي الذي طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول بمناقشة الموضوع مع وسائل الإعلام، أن الاتفاق سيتضمن ما يلي:
1- إقامة دولة فلسطينية تشمل حدودها قطاع غزة والمناطق (أ، وب) وأجزاء من المنطقة (ج) في الضفة الغربية.
2- توفر الدول المانحة 10 مليارات دولار لإقامة الدولة وبنيتها التحتية بما في ذلك مطار وميناء بحري في غزة والإسكان والزراعة والمناطق الصناعية والمدن الجديدة.
3- وضع القدس وقضية عودة اللاجئين سيؤجلان لمفاوضات لاحقة.
4- مفاوضات حول محادثات سلام إقليمية بين إسرائيل والدول العربية، بقيادة المملكة العربية السعودية.
وقال الدبلوماسي للموقع البريطاني إن جاريد كوشنر المستشار الخاص لترامب ورئيس فريقه لعملية السلام زار السعودية أخيرا، وأطلع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على الخطة.
كما طلب كوشنر من السعوديين المساعدة في إقناع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بقبول الخطة التي سيتم تقديمها رسمياً في أوائل عام 2018.
وحسب "ميديل إيست آي"، قال الدبلوماسي الذي كان قريبا جدا من الفريق الأميركي إن بن سلمان التقى عباس في مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر، ليطلعه على الاقتراح. وطلب ولي العهد من الرئيس الفلسطيني قبول الخطة وإبداء رأي إيجابي بشأنها.
وقال الدبلوماسي: "إن بن سلمان متحمس جدا للخطة"، وأضاف أنه حريص على التوصل إلى اتفاق سلام بين الفلسطينيين وإسرائيل أولا، ثم بين إسرائيل والدول العربية كخطوة أولى لتشكيل ائتلاف بين السعودية وإسرائيل لمواجهة التهديد الإيراني".
وقال الدبلوماسي إن بن سلمان أبلغ كوشنر أنه مستعد لاستثمار كميات ضخمة من رؤوس الأموال في الصفقة وسيعطي القيادة الفلسطينية الحوافز اللازمة لدفعها للاستجابة الإيجابية.
وقال مسؤولون فلسطينيون لـ"ميديل إيست آي" إن عباس التقى بن سلمان خلال زيارته الأخيرة للرياض التي بدأت في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني. وأن هناك عرض لزيادة الدعم المالي السعودي للسلطة الفلسطينية بثلاثة أضعاف تقريبا من 7.5 مليون دولار شهريا إلى 20 مليون دولار.
وقال بن سلمان لعباس إن التهديد الإيراني للدول العربية خطير، كما ذكرت مصادر قريبة من المحادثات، وأن السعودية في حاجة ماسة إلى دعم من الولايات المتحدة وإسرائيل لمواجهة "نزاعها الوجودي" مع طهران. ونقل الموقع عن ولي العهد، قوله: "إننا لا نستطيع أن نأخذ إسرائيل إلى جانبنا قبل حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".
وقال مسؤول فلسطيني: "يعتقد الرئيس عباس أن الخطة يمكن أن تكون جيدة فقط إذا أضفنا إليها عبارة "حدود 1967". ونحن على استعداد لإعطاء إسرائيل الوقت إذا كانوا على استعداد لإعطائنا الأرض".
"قلنا لهم، إذا كانت الخطة تنص بوضوح على أن "الصفقة النهائية "هي إقامة دولة فلسطينية "على أساس" حدود عام 1967 بمبادلة طفيفة للأراضي، فإننا سنقبل المرحلة الأولى منها، وإقامة دولة ذات حدود مؤقتة".
وحسب الموقع البريطاني، قال مسؤول فلسطيني آخر إن عباس يعتقد أن هذه الخطة التي أعدها كوشنر ومبعوث الشرق الأوسط جيسون غرينبلات هي في الأصل خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو. وقال المصدر إن "هذه هي خطة نتانياهو التي باعها للفريق الأميركي الذي يحاول الآن تسويقها للفلسطينيين والعرب".
وأضاف المسؤول أن الفلسطينيين يتوقعون حاليا مزيدا من الضغوط من واشنطن والعواصم العربية.
وقال المصدر إن "الولايات المتحدة تلوح بعقوبات ضد الفلسطينيين إذا رفضوا الخطة مثل إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن ووقف المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية".
وأعلن مسؤولون أميركيون، الثلاثاء الماضي، أن هذا التهديد سيصدر هذا الأسبوع بعد أن أوقفت الولايات المتحدة مكتب الممثل الفلسطيني في واشنطن وجمدت جميع الاجتماعات مع الولايات المتحدة.
وقال المسؤول الفلسطيني إن الرئيس المصري حسني مبارك وولي العهد السعودي الأمير عبد الله قالا في عام 2000 لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات: "إننا نقبل فقط ما يقبله الفلسطينيون… وفي محادثات كامب ديفيد في عام 2000، دعم العرب الزعيم الراحل ياسر عرفات في مواجهة الضغوط الأمريكية. ولكن الآن، لا أحد يقف إلى جانبنا".
وأضاف: "لكن الملك السعودي يغرق الآن في النزاع مع إيران في اليمن ولبنان وسوريا والعراق والرئيس المصري يغرق في سيناء".
وتغيرت العلاقات بين السعودية وإسرائيل خلال الأشهر الأخيرة.
وفي 16 تشرين الثاني/ نوفمبر، قال غادي إيزنكوت، رئيس الأركان العامة في إسرائيل، إن البلاد مستعدة لتقاسم "المعلومات الاستخباراتية" مع المملكة العربية السعودية، وأن البلدين لهما مصلحة مشتركة في معارضة إيران.
ويقول الموقع البريطاني إن العديد من الفلسطينيين يقولون إنهم سيرفضون أي اتفاق سلام تقوده السعودية ويهدد حق عودة اللاجئين الفلسطينيين ويسعى إلى "تطبيع" العلاقات العربية مع إسرائيل.
وقال اللواء صبحي أبو عرب رئيس الأمن القومي الفلسطيني في مخيم عين الحلوة للاجئين في صيدا بلبنان: "إن هذا لن يقبل أبدا من أى فلسطينى داخل فلسطين وخارج فلسطين وفي أى مكان". "هذه ليست فكرة جديدة، فهي تثار في كل الأحيان، وأبو مازن لن يوافق أبدا على ذلك". وأضاف: "هذه كلمات فارغة استخدمت منذ عقود".
وقال ظافر الخطيب، الناشط الفلسطيني داخل عين الحلوة، إن إسرائيل تسعى إلى اغتنام الفرصة مع السعودية لـ"كسر المحظور في التطبيع العربي مع إسرائيل".
وتابع: "إنهم يعرفون أن حق العودة لا يمكن أن يزول، وهذا لا يعني أنه لا يوجد شيء يطبخ، ومن المؤكد أن هناك عملا جاريا، ولكن حتى الآن غير واضح ولا يوجد واقع على الأرض".
من جانبه علق عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، عباس زكي، على تقرير "ميدل إيست آي"، قائلاً إن "الولايات المتحدة الأمريكية لن ترتضى إلا بالحلول من وجهة النظر وبالطريقة الإسرائيلية، ولكننا في المقابل نسعى إلى قرارات الشرعية الدولية والمجالس الوطنية، نريد دولة كاملة السيادة على حدود 4 يونيو/ حزيران".
وأضاف زكي، في تصريحات خاصة لـ"سبوتنيك"، اليوم الخميس 23 نوفمبر، أن "أمريكا تبحث عن الحل بالطريقة الإسرائيلية، وبالتالي لن توافق على دولة كاملة السيادة وعاصمتها القدس، ونحن جوعنا ليس جوع طعام وإنما جوع حرية وكرامة، وبالتالي فإن المسافات واسعة وبعيدة، فأمريكا هي الكفيلة باستمرار وقوة إسرائيل، التي تعتبرها محطة متقدمة للاستعمار القديم".
وعن الدور السعودي في قيادة المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وحقيقة عرض الأمير محمد بن سلمان مضاعفة المخصصات الفلسطينية مقابل الاستجابة لخطة السلام، قال: "مصر في عهد السادات كانت تمثل القوة والقدرة، لم نسر ورائها، وبالتالي لن نمشي وراء السعودية الآن… فهذا وهم، ونحن لا نشترى بالمال، فهناك الآن فصائل وقوى، ومساعي لعودة الاعتبار لمنظمة التحرير".
وحول ما تحدثت عنه "ميدل إيست آي"، بشأن مساعي بن سلمان إلى الحصول على دعم إسرائيل في مواجهة إيران، من خلال قيادة الحل الفلسطيني — الإسرائيلي، أكد زكي على أن "فلسطين لن تكون جسراً للعداء والتدمير، فنحن جسر سلام".
وتابع: "نحن من الممكن أن نكون جسرا للسلام، ومن الممكن أن نقوم بدور لتهدئة الصراع بين إيران والعرب، ولكن أن تتخذ القضية الفلسطينية مكان للقفز لإشعال الحروب، فهذا أمر مرفوض، مثلما رفضته لبنان"، مؤكداً أن الدول العربية التي كانت تقف مع فلسطين هي رهن التدمير، مثل سوريا والعراق وليبيا ومصر.
من جانبه، نفى اللواء أنور عشقي، مدير مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية في السعودية، أن يكون قد صدر من المملكة العربية السعودية أي شيء في هذا الخصوص، موضحاً أنها مجرد اجتهادات، على الرغم من وجود تنسيق بالفعل بين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ومستشار الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر.
وأوضح عشقي أن الأمير محمد بن سلمان يسعى بالفعل إلى إيجاد حل للقضية الفلسطينية، ولكن المملكة تتمسك بأن يكون هذا الحل من خلال القرارات الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة، بالإضافة إلى المبادرة العربية المطروحة منذ أعوام، والتي لقيت موافقة واتفاقا عربيا.
وتابع: "الولايات المتحدة الأمريكية تأخذ رأي إسرائيل وتتبنى مشروع إسرائيل، والمملكة العربية السعودية تتبنى المبادرة العربية، ولكن الأساس هنا الذي يتم الاتفاق عليه سيكون كله في إطار المبادرة العربية، أما ما لدى الفلسطينيين والإسرائيليين، فيكون بالتفاوض بينهما برعاية أمريكا ومصر والأردن، والسعودية إذا وافقت على التواجد، ليكون هناك تبادل أراضي، بمبدأ لا ضرر ولا ضرار، لتحقيق المبدأ الرئيسي، وهو السلام".
وعن سعي الأمير محمد بن سلمان للحصول على دعم إسرائيل في مواجهة إيران، قال: "السعودية لا تحتاج دعم إسرائيل، فإذا احتاجت دعماً، فسيكون من إخوانها العرب، ومن أصدقائها مثل روسيا وأمريكا، وبالتالي لن تتنازل عن مبادئها بالنسبة لإسرائيل، فمن الممكن أن يكون هناك تعاون بين السعودية وإسرائيل مستقبلاً، إذا وافقت الأخيرة على المبادرة العربية وطبقتها وحققت السلام وأعطت الفلسطينيين حقوقهم".