بت المعلومات، الثلاثاء، حول انتقال البنك المركزي اليمني من عدن. إذ كشف مسؤول رفيع، أن الحكومة اليمنية تدرس نقل المقر الرئيس للبنك المركزي وإدارة عملياته إلى مدينة سيئون (جنوب شرق البلاد)، بعد سيطرة الانفصاليين الجنوبيين المدعومين من الإمارات على العاصمة المؤقتة عدن (جنوب).
ونقلت صحيفة "العربي الجديد" عن المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن محافظ البنك المركزي اليمني حافظ معياد قدم مقترحاً عاجلاً للرئيس عبد ربه منصور هادي بنقل المقر الرئيس للبنك، وأكد أنه لا يستطيع أداء مهامه من عدن بعد الانقلاب الذي نفذته قوات انفصالية.
إلا أن هذا الخبر جوبه بالنفي، عبر وسائل إعلام محلية، مع تأكيدات بأن البنك باق في عدن وسيسير أعماله بشكل اعتيادي، وسيؤدي عمله وواجباته بشكل طبيعي.
وسيطرت قوات الانفصاليين المدعومين من دولة الإمارات على العاصمة اليمنية المؤقتة بعد معارك استمرت ثلاثة أيام، وفرضت سيطرتها على المؤسسات الحكومية بما فيها البنك المركزي وقامت باستبدال حراساتها بموالين.
وتسبب الانقلاب في إدخال الاقتصاد اليمني مرحلة جديدة من حالة عدم اليقين، وأثار الشكوك حول وضع المؤسسات الاقتصادية والخدمية وعلى رأسها البنك المركزي وإمكانية الاستمرار في دفع الرواتب.
وتخضع مدينة سيئون بالكامل لسيطرة قوات حكومية موالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، وفيها مطار دولي في الخدمة، الى جانب مطار عدن، وتنطلق منه رحلات تجارية يوميا.
وبحسب مصادر حكومية، فإن القيادة السعودية تحاول إقناع الرئيس اليمني بتأجيل قرار النقل واتاحة الفرصة للحوار الذي دعت اليه بين الحكومة والانفصاليين نهاية الأسبوع الحالي في الرياض.
وتعهدت القيادة السعودية للرئيس هادي بارسال قوات سعودية لحماية البنك المركزي والقصر الرئاسي بموجب اتفاق مع الانفصاليين، وفق المصادر.
وتوقع خبراء في حال نقل البنك المركزي، سيناريوهات مشابهة للوضع بعد انقلاب الحوثيين في نهاية 2014، وأن يتم تجميد حسابات الحكومة اليمنية في الخارج بحكم الاستيلاء على مؤسساتها بالقوة.
وقال المحلل الاقتصادي حسام السعيدي لـ"العربي الجديد"، إنه "إذا أعلنت الحكومة أن البنك المركزي لم يعد يخضع لسيطرتها، وفي حال لم يتم التوصل لحل ما، فإن البنك سيواجه صعوبات جمة، وقد يتم الإعلان عن نقله مجدداً، ومع الأسف سيكون من الصعب إقناع البنوك والمؤسسات الدولية بالخطوات والسياسات الجديدة للبنك".
وأوضح السعيدي أن نقل البنك مرة أخرى سينعكس سلباً على العملة الوطنية التي ستتدهور قيمتها أمام الدولار، وقد يتوقف البنك عن إصدار الاعتمادات المستندية، وبالطبع سيقود ذلك إلى تدهور كبير في قيمة العملة المحلية وفي السوق السلعية.
وأدت الأزمة المحدقة بالبنك المركزي إلى انتشار معلومات نقلتها وسائل إعلام محلية عن تقديم محافظ البنك المركزي اليمني حافظ معياد استقالته، الثلاثاء.
إلا أنه صدر نفي لهذه المعلومة على لسان مصادر مقربة من معياد، أكدت فيه أن "المحافظ لا يمكن أن يقدم على مثل هذه الخطوة في ظل هذا الظرف العصيب الذي تمر به بلادنا"، وسط دعوة جميع الأطراف إلى تجنيب البنك المركزي الصراعات المختلفة لما تلحقه من ضرر بالغ على معيشة اليمنيين والاستقرار الاقتصادي على حد سواء.
وفي سبتمبر/ أيلول من العام 2016، أصدر الرئيس هادي قراراً بنقل المقر الرئيسي للمركزي اليمني وإدارة عملياته من صنعاء إلى عدن.
واتهمت الحكومة الشرعية الانقلابيين الحوثيين الذين سيطروا حينها على البنك المركزي في صنعاء، باستنزاف الاحتياطي الأجنبي لليمن، فيما رفض الحوثيون هذه الخطوة، ما أدى إلى وجود بنكين مركزيين في البلاد.
وحتى قبل انقلاب عدن، شهدت العملة اليمنية (الريال) انخفاضاً جديداً في محلات الصرافة أمام العملات الأجنبية، بعد فترة استقرار نسبي تراوحت بين 500 و530 ريالاً أمام الدولار الواحد، غير أن الانخفاض تواصل في الأيام الأخيرة، وتراجع سعر الريال إلى 585 ريالا للدولار.
ويشهد اليمن حرباً مدمرة بدأت في سبتمبر/أيلول من عام 2014، بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء ومؤسسات الدولة، وتصاعدت وتيرة الصراع منذ مارس/آذار 2015 مع دخول السعودية والإمارات في حرب اليمن.
وتسبب تعقيد المشهد السياسي بتهاوي العملة المحلية وارتفاع أسعار الموادّ الغذائية والوقود، وارتفاع معدلات البطالة، وأصبح أكثر من نصف سكان اليمن يعانون من انعدام الأمن الغذائي.