قتل وتسريح وخراب ديار

ماالذي حدث للعمال في «الحديدة» ؟

تتميزمحافظة الحديدة بأنها مركز ثقل تجاري واقتصادي لليمنيين، كونها تحوي المقرات الرئيسية لكبريات شركات الملاحة البحرية والمصانع والشركات التجارية. وبسبب الحرب التي ماتزال تدوررحاها في المحافظة الواقعة غربي اليمن، خسر أكثر من 30ألف عامل وموظف من أبناء الحديدة والمناطق القريبة منها ممن يعملون في مختلف القطاعات التجارية والمختلطة،خسروا وظائفهم بشكل كلي،وتوقفت أنشطة ومهام آلاف الموظفين الحكوميين،وسط توقعات لإقتصاديين بتزايد أعداد من فقدوا وظائفهم مع إحتدام المواجهات المسلحة للعام الرابع على التوالي، دون أن تلوح في الأفق أية بوادر لوقف الإقتتال .

أنين العمال :
محمد الزرنوقي 23عاماً كان يعمل في معمل خاص بصناعة الفيبر جلاس، طيلة ثلاثة عشر عاماً مضت،وحينما أندلعت المعارك المسلحة  توقف عمل المعمل بعد إغلاقه. يقول الزرنوقي :”أخبرتني إدارة المعمل أنا ومن معي من العاملين بأنها لم تعد قادرة على دفع مرتباتنا لأسباب عدة منها: توقف الانتاج وعدم دخول المواد الخام الى المعمل، وصعوبة تأمين المعمل من الهجمات المسلحة. لم يحصل محمد على تعويض مالي ووعدته إدارة المصنع بالعودة إلى عمله في حال إستتب الأمن في الحديدة ، لكن محمد فقد الأمل بالعودة الى عمله بعد أن مرت سنة كاملة على توقفه.
مثله على وراور القاطن في منطقة المرواعة والذي كان يعمل في إحدى مصانع شركة “درهم ” القريبة من محل سكنه حيث توقف من عمله بسبب إغلاق المصنع لعوامل متعلقة بالحرب .
أما وليد العكاد العامل في إحدى مصانع يماني التابعة لشركة إخوان ثابت في الحديدة ، فيبدو أن حاله أفضل من سابقيه كونه مايزال يتقاضى نصف مرتبه وهو في منزله،بسبب إغلاق المصنع الذي يعمل فيه بعد وصول الاشتباكات للمنطقة الواقع فيها المصنع ،والتي أدت الى مقتل وجرح عدد من زملائه، كما يقول العكاد .

شلل جزئي :
إتحاد الغرف التجارية والصناعية في محافظة الحديدة  عن فقدان 30 ألف عامل من أبناء المحافظة وظائفهم منذ إندلاع الحرب، ووفقاً لرئيس فرع إتحاد الغرفة التجارية في الحديدة محمد الحطامي،فإن «غالبية من فقدوا أعمالهم هم من فئة الشباب»،يقول الحطامي:« تصلنا كل يوم العديد من الشكاوى من مدراء المنشأت والشركات التجارية والعاملين فيها الذين تضررو من الحرب،ونحن بدورنا نقوم بتوثيق تلك الشكاوي ورفعها للإتحاد العام للغرف التجارية والصناعية للبت فيها».
لكن مدير مكتب الصناعة والتجارة في الحديدة عبدالعليم الدرويش لا يرى بأن الشكاوى المقدمة من أرباب وعمال المصانع والمنشأت التجارية ستجدي نفعاً أو تجد أذان صاغية للإستماع إليها في الوقت الراهن بسبب إرتفاع أصوات المدافع وأزيز الرصاص حيث استمرار المعارك.
ويقول الدرويش :«27 مصنع في كيلو16 توقف عن العمل بشكل تام ،كما أن أغلب الشركات الملاحية وشركات الإستيراد والتصدير والشركات السياحية،والمطاعم والفنادق ومحلات بيع الملابس وأدوات التجميل والعطورأغلقت أي أن 70% من المنشأت التجارية والصناعية أصبحت شبه متوقفة . وماتبقى من الشركات والمجموعة التجارية الكبرى توقفت عن العمل بشكل جزئي مثل مجموعة إخوان ثابت، وغيرها». وأضاف الدرويش القول «للأسف أن بعض المصانع التي ماتزال تعمل لايستطيع معظم العمال العاملين فيها الوصول اليها بسبب قطع الطرق .كما أن ميناء الحديدة قل نشاطه، والحاويات التي فيه أصبحت مغلقة كل ذلك زاد من تضرر العاملين خاصة من يعملون بالنفر أو الأجر اليومي».

أزمة المرتبات :
وقبيل الأزمة التي عصفت بالقطاع التجاري في محافظة الحديدة، كان للقطاع الحكومي نصيب كبيرمن الإنتكاسات بسبب توقف المؤسسات الحكومية عن صرف مرتبات الموظفين البالغ عددهم نحو30 ألف موظف موزعين على مختلف المؤسسات الحكومية منهم 45بالمائة من النساء حيث يعمل غالبيتهن في قطاع التربية والتعليم، وفقاً لإحصائية صادرة عن وزارة الخدمة المدنية والتأمينات. 
ودفعت الحرب آلاف الموظفين الحكوميين الى ترك مقارأعمالهم ومنازلهم والنزوح الى محافظات أخرى.
يشير صادق البرعي مديرمكتب الخدمة المدنية والتأمينات بمحافظة الحديدة،الى أن «جميع الموظفين الحكوميين في محافظة الحديدة بدون إستثناء تضرروا من الحرب، ومن أجل ذلك يقول البرعي أن مكتب الخدمة المدنية إتخذ عدة إجراءات منها : تسهيل ساعات الدوام للموظفين الذين مايزالون يداومون في مقار أعمالهم.وبالنسبة لمن نزح من الموظفين فلم يسجل عليهم مكتب الخدمة المدنية أية غيابات.كما أن المكتب لم يقوم بفصل أي موظف أو استقطاع جزء من راتبة» .
ومؤخراً صرف البنك المركزي في عدن مرتبات قطاعات واسعة من الموظفين الحكوميين في الحديدة دون انتظام ، لكن البرعي يؤكد ،بعدم شمول موظفي عدد من المؤسسات الحكومية قائمة الصرف كـموظفي هيئة تطوير تهامة. الأمر الذي يضاعف من معاناة الموظفين في تلك الجهات.

الكل متضرر :
حتى العمالة الأجنبية غادرت محافظة الحديدة منذ الأيام الأولى للحرب. وتفيد إحصائية صادرة عن وزارة الشئون الاجتماعية والعمل ،خروج 291 عربي وأجنبي كانو يعملون بمناصب مختلفة في عدة مؤسسات تجارية في محافظة الحديدة خلال الفترة 2014 – 2017. بل أن جميع من يسعى لطلب الرزق في محافظة الحديدة بدون إستثناء تضرر من الحرب،بمافيهم الصيادين والمزارعين ويشيرمحمد الحسني رئيس ملتقى الصيادين اليمنيين في تصريحات صحفية ، أن «أكثر من 75 في المائة من الصيادين توقفواعن العمل،بسبب القصف المسلح على إمتداد الشريط الساحلي في الحديدة،وأن عدد كبيرمن الصيادين لقوا حتفهم جراء ذلك القصف».
وأدت الحرب الى تراجع قيمة الإنتاج الصناعي للقطاع الخاص من ترليون و633مليار و41مليون ريال عام 2015 ألى ترليون و602 مليار و323 مليون ريال بحلول بداية العام 2018.
وكشفت إحصائية حديثة صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء أن «القطاع الصناعي للقطاع الخاص في اليمن تراجع بمقدار 2مليار و167 مليون مقارنة بالعام 2016، فيما بلغ التراجع بين 2015 و2017 بمقدار 30مليار و718 مليون ريال» .
وعزا محللون في مجال الصناعة هذا التراجع نتيجة القصف المباشر الذي يستهدف المصانع الانتاجية الكبرى  وإصابتها بخسائر فادحة. 
وبينت الاحصائية أن «القطاع الصناعي الخاص إستوعب 185 ألف و647 من الأيادي العاملة عام 2017 بزيادة قدرها819 عاملا عن العام 2016 ، فيما كان يستوعب في الأعوام السابقة أضعاف ذلك العدد،الأمر الذي يكشف أن إستهداف المنشأت الصناعية والتجارية في اليمن والتي توجد غالبيتها في محافظة الحديدة، أدى الى فقدان آلاف العمال لوظائفهم الدائمة».
وتشيرالإحصائيات أن«خسائر القطاع الصناعي بلغت حوالي 373 مليون دولار، إذ تعرض 89 مصنعاً من المصانع الكبيرة للقصف المباشروغيرالمباشر وأدى لتوقفها بصفة دائمة أو مؤقتة» .
كما تشيرالإحصائيات أن«العاملين في قطاع الصناعة حصلوا على تعويضات كرواتب ومكافأت بـ55 مليار و379 مليون».
مدير مكتب الخدمة المدنية في الحديدة صادق البرعي، لفت الى أن «عدد من العاملين والموظفين في المصانع والشركات التابعة للقطاع الخاص في الحديدة أسمائهم غير مقيدة في كشوفات التأمينات، وبسبب ذلك لايحصلون على مرتباتهم التقاعدية والمزايا التأمينية،الأمر الذي يوضح سبب تخلى بعض تلك المصانع والشركات عن العاملين فيها خلال الوقت الراهن».
وكان “برنامج الامم المتحدة الانمائي” قد كشف في دراسة حديثة ، بأن «الحرب والصراع في اليمن أدى الى فقدان الفرد اليمني 2000 دولار من نصيبه من إجمالي الناتج المحلي .وأشار البرنامج أنه إذا ما أنتهى الصراع خلال العام 2019، فسيبلغ إجمالي الخسائر الاقتصادية الكلية حوالي 88,8 مليار دولار أمريكي» .

*نقلاً عن موقع الحديدة نيوز

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص