منذ تأسيسها في منتصف تسعينات القرن المنصرم، كرابع جامعة حكومية في اليمنمن حيث تاريخ الإنشاء،مرت جامعة حضرموت الواقعة في مدينة المكلا شرقي اليمن بمشكلات وصعوبات أمنية ومالية أدت إلى توقف الدراسة فيها للمرة الأولى في إبريل/نيسان 2016بعد سيطرة تنظيم القاعدة على مدينة المكلا.إلا أن الجامعة استأنفت الدراسة في 28 فبراير/شباط من العام ذاته،وأنهت العام الدراسي قبل أن تتوقف مرة أخرى، من هنا بدأت أزمات الجامعة في التوالي، وقد دخلت البلاد حربًا لا يُعرف لها مستقر حتى الآن؛ فشهدت الجامعة سلسلة من الإضرابات للطلبة والأساتذة احتجاجًا على وضاع متردية يُتلقى فيها العلم. آخر تلك الإضرابات كان في شباط/فبراير 2019.
لكن، توقف الإضرابات لنحو سبعة أشهر، لا يعني أن الوضع تحسن في الجامعة، فلا زالت تعاني نفس المشكلات تقريبًا، كما يوضح طلاب وباحثون وأكاديميون في الجامعة
للخلف دُر
تولى أول رئاسة للجامعة عقب تأسيسها عام 1996، أستاذ الفلسفة والتربية، علي هود باعباد، والذي يُعد أحد مؤسسيها. يقول الصحفي الحضرمي مجاهد الحيقي، واصفًا حال الجامعة: "لو علم البروفيسور علي هود باعباد، بأن هذا الصرح العظيم الذي ساهم في إنشائه، سيتعرض للفساد والإهمال بهذا الشكل، لحوله لاستراحة للنوم بدلًا من أن يكون جامعة".
تتعدد أوجه المشاكل التي تعانيها الجامعة، وبالضرورة طلابها، من ذلك ما لفت إليه خريجها نواف باقروان، من أن مخرجات الجامعة لا تلبي احتياجات سوق العمل، وله في نفسه مثالًا.
درس نواف في كلية هندسة بترول. ويقول عن ذلك، إن أغلب المناهج التي كان يدرسها قديمة، وتفتقر للتطبيق العملي: "خلال فترة دراستي لم أحصل أنا وزملائي على دورات تأهيلية ولا ورش عمل ولا مشاركات علمية، وبسبب ذلك، لم أحصل على فرصة عمل في مجال تخصصي، رغم مضي سبعة أعوام على تخرجي".
قبيل 2011، كانت جامعة حضرموت جاذبة لعدد من الطلاب العرب. لكن، منذ 2011 بدأت أوضاع الجامعة في التدهور، قبل أن تتفاقم الأمور في 2015، فخسرت الجامعة ما لا يقل عن 849 طالبًا وطالبة، بحسب نائب رئيس الجامعة لشؤون الطلاب، سالم مبارك العوبثاني، في تصريحات صحفية.
ظلم وتهميش
خلال العام الجاري، صدر قرار وزاري بتغيير اسم الجامعة من "جامعة حضرموت للعلوم والتكنولوجيا" إلى "جامعة حضرموت". وتضم الجامعة حاليًا 17 كلية، بإجمالي 64 قسمًا موزعة على الكليات، والتي من بينها كليات ملحقة في كل من مدن: الغيضة بمحافظة المهرة وعتق بمحافظة شبوة وفي محافظة سقطرى. ويبلغ إجمالي عدد الطلاب الملتحقين بالجامعة، نحو 14387 طالبًا وطالبة.
"الظلم والتهميش" هو العنوان الرئيسي لشكاوى عدد من أعضاء هيئة التدريس بالجامعة، تحدث إليهم "الترا صوت". يقول أحد الأساتذة، فضل عدم الإفصاح عن اسمه: "تعاني جامعة حضرموت جملة من المشكلات، أبرزها: النقص الكبير في الكادر التدريسي بعد مغادرة معظم الأساتذة الأجانب عقب احتلال تنظيم القاعدة للمقار والمؤسسات الحكومية في المكلا".
بعد أن سيطر تنظيم القاعدة على المدينة في الثاني من نيسان/أبريل 2015، أوقف العمل بالجامعة قبل أن يُستأنف عندما حررت المدينة، عاصمة محافظة حضرموت. وخلال ذلك، غادر معظم الأساتذة من خارج المحافظة، حتى لم يتبق في هيئة التدريس سوى 809 أستاذًا ومساعدًا.
ووفقًا لأعضاء هيئة التدريس، فإن غالبيتهم لا يتقاضون أجورًا كاملة أو مناسبة، بسبب عدم قدرة الجامعة على دفع المستحقات المالية والتسويات الخاصة بهم منذ سنوات.
ووفقًا لمصادر من داخل الجامعة، يتقاضى الأساتذة الجدد رواتب لا تتجاوز 40 ألف ريال يمني، أي حوالي 160 دولارًا أمريكيًا. كما أنهم يتعرضون لتهديدات بطردهم من مساكنهم التابعة للجامعة بين الحين والآخر.
يُدرك طلاب جامعة حضرموت، أن المشاكل التي يتعرض لها أعضاء هيئة التدريس، الذي نفذوا إضرابًا في شباط/فبراير الماضي؛ تنعكس عليهم، لذا كان اتحاد طلاب الجامعة مساندًا لإضراب الأساتذة.
مساعٍ وجهود من أجل النهوض
على الجانب الآخر، تقول إدارة الجامعة إنها تسعى جاهدة لاحتواء أي أزمة، مع لفت الانتباه إلى الحرب التي تعرفها البلاد، وتؤثر بطبيعة الحال على الجامعة.
وقال سالم عوض رموضه، نائب رئيس جامعة حضرموت سابقًا: "بالفعل هناك اختلالات في بعض الجوانب بالجامعة، وسبب ذلك الحرب"، مشيرًا إلى أن الحرب قتلت العديد من الأكاديميين والطلاب، كما أثرت على البنية التحتية لمعظم كليات الجامعة، لافتًا إلى أن ميزانية الجامعة "هي الأضعف مقارنة ببقية الجامعات الحكومية".
مع ذلك يبدي رموضه تفاؤلًا، خاصة وأن الدراسة انتظمت في الجامعة، واستقرت الأوضاع أكثر من ذي قبل، معتبرًا أن عقد مؤتمرات علمية وندوات تخصصية وأنشطة طلابية، هي دليل على حالة الاستقرار.
share"الظلم والتهميش" هو العنوان الرئيسي لشكاوى أعضاء هيئة تدريس جامعة حضرموت، الذين تصل رواتب بعضهم لـ160 دولار فقط في الشهر
من جهة أخرى، يأمل رموضه أن جامعة "سِيئون" الحكومية، التي تأسست في حضرموت في أيلول/سبتمبر العام الماضي 2018، ستخفف الضغط عن جامعة حضرموت، بما تمثله من "رافد جديد للتعليم العالي" في أكبر المحافظات اليمنية مساحةً.
الترا صوت