لم تسلم سقطرى تلك الجزيرة اليمنية الساحرة التي خلبت كل عقل, من شدة جمالها ومن كثرة تنوع بيئتها النادرة الثرية واشجارها وطيورها وكائناتها العجيبة المبهرة, وللموقع والثروات والهبات النادرة التي منحها الله من تأثيرات الصراع الدائر في اليمن منذ قرابة الخمسة الاعوام في الوقت الذي تتحرك فيه الأطماع الخارجية والإقليمية لنهب مقدراتها وخيراتها حتى جمالها الرباني البديع الذي تحكيه شواطئها الفساح الملونة بزرقة البحر وصفاء السماء ورمال الساحل الناصعة البياض، وتجاهلوا حق أبنائها في العيش الكريم وحقها في التنمية كلؤلؤة اليمن. في العادة عندما يكون الحديث عن رجال صنعوا التاريخ بنضالهم وفكرهم وعطائهم، وصاغوا له الدروب وفتحوا له المنافذ ليطرزوا فيها بصماتهم، ويحفروا عليها آثارهم فإن الكلمات لا تأتي جزلى، ولا تكون حروفها طرية لينة لترسم لنا المشهد كما روي لنا ، بل تجد ان الجمل مهما فخمت وكيّفت فإنها تبدو خائرة ضعيفة لا تجسد لنا مشاهد دروب هؤلاء الرجال الغر الميامين (صانعي المجد و التاريخ ) كما نحسهم في وجداننا ، وانا اتتبع كغيري من المهتمين تاريخ ومسار الاحداث والتحولات التي مرت بها سقطرى والاطماع الخارجية لهذه الجزيرة اليمنية الساحرة والتي تجاوزت البر إلى ما وراء البحار تحكي قصة محاولات التغلغل بأوساط أبناء سقطرى واستمالة أبناء الجزيرة و مشايخها تحت مسميات عديدة بعد فشلها عسكريا ففي سقطرى رجال دولة وزعامات كبيره لعبوا دوراً ايجابي وبارز ولهم تاريخ نضالي حافل في الدفاع عن سيادة الوطن قديماً وحديثاً وقفوا بكل شموخ وكبرياء وحزم ضد كل المحاولات الرامية لتمزيق الوطن واحتلال اهم جزيرة يمنية حيث باءت المحاولات بالفشل وتلقت ضربة قاصمة بفضل من الله تعالي .. وعند قراءتي وتصفحي لعظماء جزيرة سقطرى ممن غيروا مجرى التاريخ ومراحل نضالهم لعقود من الزمان كان لزامًا علي الخوض في مسيرة نضال لقائد ورمز كبير من رموز اليمن حمل هموم الوطن و ابناء سقطرى على كاهله ، واتسم بالصلابة في المواقف الوطنية ، والصدق والتواضع، والترفع والإيثار، وامتلك الحكمة و الشجاعة لقول الحقيقة مهما كانت قاسية ، قائد وشخصية متميزة ونادرة متفردة تاريخاً ونضالاً وشجاعة وعراقة النسب والاصل, ويداً بيضاء امتدت بالخير دوما لأبناء سقطرى وعموم اليمن ..انه الشيخ عيسى بن سالم بن ياقوت السقطري (شيخ مشايخ جزيرة سقطرى اليمنية).. يتفق معه من يتفق، و يختلف من يختلف، لم يعرف في تاريخه يوما شخصنة الأشياء ولم يتحدث أبدا عن عيوب رفاقه واخوانه حتى الذين خاصموه بل حتى انه لم يدع لنفسه مجالا أو مساحة للإسقاط على الخلافات و النيل من الرجال و دورهم و تاريخهم ايان كان هذا الدور لم يعرف المساومة أو المهادنة.. ذلك الاسم الذهبي الساطع كالشمس عند السقطريين واليمنيين أصبح أيقونة للنضال والوطنية والوقوف بكل حزم أمام الاطماع الخارجية والاقليمية واحد صخور الصد امام رياح تلك الاطماع واحد أبرز الرافضين للتدخلات ألتي تمس سيادة وكرامة واستقرار جزيرة سقطرى .. ومما لا ريب فيه أن اليمنيين عموماً وابناء سقطرى يحملون الكثير من مشاعر الفخر والاعتزاز والحب والوفاء والعرفان للشيخ عيسى السقطري ومواقفه الوطنية العديدة ومنها التصدي للمحتل الجديد كيف لا وهو الشخصية التي تمتلك شعبية داخل محافظه وخارجها سخر ثروته وماله بقلب صادق وكرم وسخاء نادر لكل محتاج ومستضعف طوال سنوات وسنوات ومقابل ذلك لم ينتظر الشكر والثناء من احد.. وختاماً اجزم بان التاريخ سيكتب الملحمة الوطنية للشيخ عيسى السقطري بماء الذهب سيما وان اليمن أنجبت أجيالا مجيدة ضحت وتفانت من أجل الوطن وبذلت كل ما لديها لكي تساهم في بناء يمن المجد والحضارة, منهم من رحل عن الدنيا ومنهم من تقاعد وبات يداعب نفسه بذكريات الماضي والآخرون ما زالوا يعملون كأمثال المناضل عيسى السقطري إن هؤلاء المجيدين يستحقون التكريم والتفاخر والتباهي بهم بصفتهم ثروة قومية لا تعوض..