رغم عدم إعلان تسجيل أية إصابة مؤكدة بفيروس كورونا في اليمن إلا أن الخوف سيطر بشكل كبير على أفراد المجتمع خصوصاً النساء وذلك بسبب تدفق الأخبار والشائعات المغلوطة حول هذا الفيروس من مصادر غير مختصة ومجهولة .
نساء الحديدة كغيرهنَّ من نساء اليمن يتابعن بشكل كبير الأخبار المتداولة حول هذا الفيروس سواء التي تاتي من وسائل الإعلام المختلفة أو من خلال الأخبار التي يتداولها أفراد المجتمع فيما بينهم ، والتي تكون أغلبها غير صحيحة وهو ما انعكس سلباً على صحتهم النفسية .
حياتي تحوَّلت إلى خوف وقلق:
نجيبة حسن (35 عاماً) ” تؤكد بأن الأخبار الخاصة بفيروس كورونا سَبِّبت لها خوفاً وقلقاً ،حتى أنها أصبحت تخشى من الخروج أو لقاء صديقاتها ،كما أن أصبحت تخاف على أولادها كثيراً من إصابتهم بكورونا.
تقول نجيبه لـ”الحديدة نيوز”، «الخوف أصبح ملازماً لي، حتى أنني أذهب إلى أولادي بين ساعة وأخرى و أتحسَّسُ أجسادهم إن كانت درجة حرارتهم مرتفعة أم لا ، كما أنني إحثهم كل ساعة بغسل أيديهم بالماء والصابون وإذا خرجوا للشارع أشعر بقلق شديد عليهم حتى يعودوا للمنزل».
وتعترف نجيبة أن صحتها تدهورت كثيراً بسبب نوبات الخوف التي تتملَّكها حتى أن زوجها أصبح يلاحظ ذلك عليها وينصحها بعدم الاستماع إلى الأخبار التي سبَّبت لها كل ذلك الهلع.
كل يوم خبر جديد:
وفي الحديدة لازالت الزيارات العائلية والأصدقاء لبعضهم البعض مستمرة رغم التحذيرات من التجمعات كوقاية من الفيروس،وساهمت هذه الزيارات بشكل كبير في تداول الأخبار والإشاعات المتعلقة بكورونا وأغلبها غير صحيحة وتصدقها النساء وتتأثر بها.
في حديثها،تقول المواطنة آمنة عايش «كل يوم نسمع خبراً جديداً عن كورونا ، فبعض الناس تقول أن كورونا انتشر في الحديدة ،وسوف يموت الناس الساكنون بالمدينة جميعاً بسببه ، وبعضهم يقول أنهم اكتشفوا اليوم حالة مصابة بالفيروس،وآخرون يقولون أن الفيروس انتشر في صنعاء ،وكل هذه الأخبار تسبب لنا الخوف والرعب بالتأكيد»،وتضيف آمنة،القول«كل أحاديثنا أصبحت عن فيروس كورونا خصوصاً عندالنساء حتى أصبحنا نعيش في حالة خوف مستمرة وأصبح كورونا شغلنا الشاغل،للأسف أصبحت أتخيل كورونا أمامي كأنه وحش مفترس سيدخل إلى منزلي”.
وفي ذات اليباق تقول المواطنة حنان الأهدل «في الوقت الذي لم يتعافى الناس من الخوف الذي أصابهم بسبب الحرب ،نجد أنفسنا أمام خوف آخر سببه كورونا، إننا نواجه أياماً أشبه بأيام حرب أخرى غير التي إعتدنا عليها،كل شخص منا يعيش وكأنه يعيش آخر أيامه وهو إحساس أصابنا نتيجة سماعنا لأخبار تفشي كورونا في كل بلدان العالم »،وتتساءل حنان مستغربة « لم أعد إدري لماذا كل هذا القلق الذي أشعر به؟ أصبحت أخاف من لقاء الناس وأحاول أن ألتزم بالإجراءات الوقائية التي تصدر عن الجهات المختصة».
غياب المنظمات النسوية:
رغم عدم تسجيل أية إصابة بالفيروس في الحديدة واليمن بشكل عام ،إلا أن الكثير من نساء الحديدة لا يلتزمن بأي إجراءات وقائية أو إحترازية من فيروس كورونا ،،ويرجع ناشطون سبب ذلك إلى غياب الوعي وعدم وصول المعلومات وتوعيتهن بالطرق الصحيحةلمواجهة كورونا.
«الجهل والأمية بين أوساط النساء في الحديدة ساهم بشكل كبير في انتشار الأخبار وخصوصا الأخبار المزيفة،ويتم تصديقها دون التمييز أو التفكير فيها بأنها أخبار غير صحيحة وهو ما تسبب في انتشار الخوف بين أوساطهن» تقول فادية محمد ناشطة اجتماعية في مجال حقوق المرأة وتضيف« يُعد غياب أنشطة المنظمات النسوية في مجال توعية النساء ونقل المعلومة الصحيحة أو تنفيذ جلسات حماية لهن من آثار الشائعات الكاذبة سبَّب مهم في استمرار نقل الأخبار وإصابة النساء بالخوف والذعر والأمراض النفسية»،وتستغرب فادية من عدم وجود أي نشاط خاص يتعلق بالمرأة في ظل تفشي كورونا حيث وأن المرأة بحاجة إلى من يقف بجانبها.. ليس فقط في المجال الصحي والنفسي بل أيضاً تحتاج إلى من يقف معها في الجانب الأسري خصوصاً وأن نسبة العنف الأسري ازداد بشكل كبير في الآونة الآخيرة بسبب توقف الرجال عن العمل وبقائهم في منازلهم ،كما تقول فادية.
مؤشر خطير:
ينصح الدكتور محمد الحرازي ( أخصائي أمراض نفسية) بعدم مشاهدة أو سماع أخبار فيروس كورونا عبر مختلف وسائل الإعلام المرئية والمسموعة.ويبرر الحرازي تلك النصيحة حتى لا تتزايد أعداد الحالات المصابة بأمراض ونوبات نفسية متعلقة بالمخاوف من الإصابة بكورونا ، وفقاً للحالات المرضية التي تصل عيادته أو تصل عيادات أخرى مشابهة لنشاطة في مختلف دول العالم خلال الفترة الماضية
وفي حديثه لـ”الحديدة نيوز”،يوضح الحرازي بأنَّ «المرأة في الحديدة واليمن إجمالاً، تأثرت تأثٌُراً نفسياً بشكل كبير من أخبار كورونا مثلما تأثرت في أيام الحرب الأولى ، وفقاً لملاحظاته عدد من الحالات التي يعاينها في عيادته، حيث أنَّ البعض منهنَّ أصبحن يفكرن في المجهول ويتوقعن حدوث أمور سيئة لمجتمعهن وأفراد أسرهن وهذا مؤشر خطير على صحتهن».
ويتوقع الطبيب النفسي الحرازي أن تزداد عدد الحالات المصابة بالأمراض النفسية في ظل استمرار تفشي فيروس كورونا مثلما ازدادت في السنوات الماضية التي كانت الحرب فيها مشتعلة بشكل كبير،الأمر الذي يحتم على كل فرد ملاحظة أي شخص من أسرته أصيب بأي مرض نفسي ؛والمسارعةبأخذه إلى أقرب طبيب نفسي».
نصائح منظمة الصحة العالمية:
تؤكد منظمة الصحة العالمية أن القلق من الإصابة بكورونا أو غيرة من الفيرسات والأوبئة يُعد أمراً طبيعياً ويمكن للناس التغلب على الشعور بهذا القلق من خلال التحدث مع أشخاص يثقون بهم من أجل التخفیف من هذه المشاعر، وأن نحرص على التواصل مع أصدقائنا وأفراد أسرتنا كما توصي منظمة الصحة في توصياتها الخاصة بكيفية التغلب على شعورنا بالقلق والتوتر بالتقلیل من الوقت الذي نقضيه في مشاهدة أو متابعة التغطية الإعلامية التي تسبب لنا إزعاجاً.
وتنصح منظمة الصحة العالمية الناس باستجماع مهاراتهم التي تساعدهم على إدارة الشدائد التي مروا بها في الماضي، واستخدمها في إدارة مشاعرهم أثناء هذه الأوقات العصیبة،ووفقاً لنصائح وردت في موقع “منظمة الصحة العالمية” فإنه يتوجب على الناس الامتناع عن التدخین أو تعاطي المشروبات الكحولية أو المخدرات و لايستخدمونها وسیلة في التغلب على المشاعر السلبية. ُّ
وتقول المنظمة انه «في حال اجتاحت المشاعر أنفسنا فيصعب علينا التحكم فیها، فعلينا القيام بالتحدث إلى أحد العاملین أو المرشدین الصحیین. وعلينا ان نجهز خطة نحدد فيها أين نذهب وكیف تلتمس ّالمساعدة لتلبي احتياجاتك الصحية الجسدية والنفسية عند الاقتضاء».
وفي حال تعين عليك البقاء في المنزل”الحجر الطوعي المنزلي”،فيجب علينا إتباع اسلوب حياة صحية تتمثل في تناول طعاما صحيا والحصول على قسط جيد من النوم،وممارسة التمارين الرياضية ،والتواصل مع الأحباء الموجودین في المنزل، ومع الآخرين من أفرادعائلتك وأصدقائك عبر البريد الإلكتروني والهاتف.
كما تنصح المنطمة العالمية المعنية بالصحة ،بوجوب البحث عن الحقائق وجمع المعلومات التي تساعد في تحدید الخطر الذي تتعرض إليه بدقة، حتى نتمكن من اتخاذ الاحتياطات المعقو لة. والبحث عن مصدر موثوق، مثل الموقع الإلكتروني لمنظمة الصحة العالمية، أوإحدى الهیئات المحلية أو الحكومية للصحة العمومية.
*نقلاً عن الحديدة نيوز