. عبدالله سالم بن غوث
ظاهرة جبل الجليد تفترض أن جبلا من الجليد في وسط البحر يظهر جزء بسيط منه أما الجزء الأكبر يظل مغمورا تحت الماء لا نعرف شي عنه. و في علم الوبائيات يعتبر ما يتردد على المستشفيات من مرضى يحملون مظاهر المرض ما هم إلا قمة جبل الجليد لهذا المرض أما حقيقة حجم المرض لا زال مغمورا في المجتمع و يحتاج إلى جهود مكثفة للتعرف على هذا الجزء المغمور من المرض في المجتمع.
و في وبائية الأمراض المعدية يشمل الجزء المغمور في المجتمع كل الناس الذين يحملون العدوى و لم تظهر عليهم الأعراض سوى أنهم لا زالوا في فترة الحضانة أو عندهم أعراض خفيفة أو عندهم عدوى مزمنة أو لديهم مرض بدرجات متفاوتة لكن لا يستطيعون الوصول إلى الخدمة الصحية لأسباب مختلفة كما يشمل ذلك الذين يعالجون أنفسهم أو يطلبون الطب الشعبي أو لهم اعتقاداتهم الخاصة تشكل نمط خاطئ لطلب الخدمة الصحية.
و إسقاطا لهذه المعلومات على جائحة كوفيد 19 المستجد حيث أصبح كل العالم موبوء بدرجات متفاوتة، و يرجع التفاوت في حجم الوباء (من دولة اكتشفت حالات كثيرة جدا إلى دولة لم تكتشف إلا العدد القليل ) إلى مدى قدرة كل دولة في اكتشاف الجزء المغمور من جبل جليد الكوفيد 19 المستجد.
و في اليمن فأن حالة الكوفيد19 المستجد التي تم الإعلان عنها في مدينة الشحر بمحافظة حضرموت يوم الجمعة بتاريخ 10 أبريل 2020م وتم التبليغ عنها قبل ذلك التاريخ بيومين على الأقل و قبل ذلك بيومين أخرى ظهرت أعراض المرض حين كانت هذه الحالة ضمن الجزء المغمور في المجتمع و بعد اكتشافها أصبحت تمثل قمة جبل الجليد ليس ألاّ. فكم يحوي هذا الجزء المعمور من خبايا الكوفيد 19 في مجتمعنا. المؤشرات الوبائية تقول عندما كان سير الوباء في العالم بطيئا إلى نهاية شهر فبراير 2020م حيث كانت الصين تتصدر المشهد الوبائي العالمي بعشرات الآلاف من المصابين و آلاف الوفيات ثم بدأ انتشاره بقوة في إيران و كوريا الجنوبية و ايطاليا حينئذ اعتبر انه قمة جبل الجليد لوباء عالمي أصاب حتى الآن ما يقارب أثنين مليون مصاب و أكثر من مئة ألفوفاه.
الوضع الوبائي في اليمن عامة و حضرموت خاصة لا زال يمثل قمة جبل الجليد و أن الوباء لم يأتي بعد لكنه سيأتي و لا ندري أين و متى سيكون الانفجار الوبائي مما يتطلب استكشاف مكثف للجزء المغمور.
أستاذ طب المجتمع / جامعة حضرموت