ر الحقيقي لأسعار النفط حالياً هو صفر، نعم أصبح النفط يوزع مجاناً من قبل المنتجين في مقابل التكفل بأجور نقله فقط الى وجهته النهائية، وهذا هو أسوأ انهيار في أسواق النفط على مر التاريخ، لا بل لم تعرف البشرية أصلاً مثيلاً من قبل لما حدث في أسواق النفط يوم الاثنين العشرين من أبريل 2020.
على الشاشات خسر النفط أكثر من 94% من قيمته خلال يوم واحد، حيث هوى الى دولار واحد فقط للبرميل، وهذا هو أسوأ انهيار تشهد أسواق النفط على الاطلاق، لا بل هو أسوأ هبوط تشهده البورصات في العالم، إذ لم تعرف البورصات مثل هذا الهبوط لا في أزمة العام 2006 ولا في العام 2008، ولا في أزمة الكساد الكبير التي ضربت العالم في العام 1929 واستمرت لعدة سنوات لاحقة حتى انتهت باندلاع نيران الحرب العالمية الثانية.
من المهم أولاً الاشارة الى أن انهيار الأسعار الى دولار واحد فقط يتعلق بخام "تكساس" الأمريكي، وبعقود شهر "مايو"، فيما لا تزال الأسعار فوق ذلك بالنسبة للعقود المتأخرة لكن هذا لا يعني أنها محصنة من الانهيار، إذ لا يزال أمامها الكثير من الوقت قبل أن يحين أجلها ويمكن خلال ذلك الوقت أن تتحرك صعوداً أو نزولاً.
أما أسباب انهيار النفط فيمكن إيجازها فيما يلي:
أولاً: أزمة الحصة السوقية التي أدت الى "حرب أسعار" انتهت بإغراق الأسواق بالنفط الذي يضخه المنتجون، حيث أنَّ اتفاق خفض الانتاج الذي تم التوصل اليه سيبدأ العمل به اعتباراً من بداية شهر أيار/ مايو 2020، أما الاتفاق السابق فانتهى العمل به في 31 آذار/ مارس 2020، ما يعني أن شهر أبريل كان كفيلاً بإغراق الأسواق بالنفط، في الوقت الذي تراجع فيه الطلب بصورة حادة بسبب أزمة "كورونا".
ثانياً: أزمة "كورونا" التي أدت الى ركود عالمي بدأ بالفعل، وهو ما أدى وسيؤدي مستقبلاً الى تراجع الطلب العالمي على النفط، وهذا يجعل من اتفاق "أوبك+" الذي سيؤدي الى خفض الانتاج بواقع 9 ملايين و700 ألف برميل يومياً، اتفاقاً لا قيمة له في السوق، ذلك أن صندوق النقد الدولي يتوقع تراجع الطلب العالمي على النفط بواقع 29 مليون برميل يومياً، أي أنه في أفضل الاحوال وبعد خفض الانتاج لا يزال ثمة فائض في المعروض بواقع 20 مليون برميل يومياً.
ثالثاً: الأزمة الجديدة التي تلوح في الأفق حالياً هي أزمة التخزين، حيث تبين بأن منتجي النفط في العالم ليس لديهم قدرة على تخزين فائض إنتاجهم، وإنما يعتمدون على البيع المباشر لما ينتجوه من نفط، وهذا دفع المنتجين الى أن يتسابقوا على عرض ما لديهم من نفط للبيع بأي سعر، لأن تكلفة التخزين ببساطة أصبحت أعلى من سعر النفط في السوق. فيما تتحدث تقارير عن أن بعض المنتجين اضطروا لاستئجار ناقلات نفط عملاقة في عرض البحر لاستخدامها كمخازن مؤقتة، وهي ذات كلفة باهظة.